الحلقه الثالثه ::
٢- لا تكثرا من اللوم والعتاب
العتب و اللوم بين الزوجين كالغيرة كثيرها يفسد و انعدامها مضر ، قال
أعرابي: كثرة العتاب إلحاف، وتركه استخفاف.
قا ل حكيم : عشر يفسدن المروءة ويقطعن الأخوة: كثرة العتاب، وكثر ة
الهجران، والتعنت، والحمية، وقلة اللقاء، وقبح اللفظ، والحدة ، وقلة
المواساة، وقلة الحفاظ، وخلف الوعد.
وكثرة اللوم والعتاب في الحياة الزوجية يفسدها ، فالمسلم مطالب بحسن
المعاشرة لزوجته وإذا ما ر أى منها شيئًا يكره فعليه بالصبر والتجمل
و حكي أن بعض الصالحين كان له أخ في الله وكان من الصالحين ، وكان
يزوره في كل سنة مرة فجاء لزيارته فطرق الباب فقالت امرأته من ؟
فقال أخو زوجك في الله جئت لزيا ر ت ه ، فقالت راح يحتطب لا رده الله و لا
سلَمه وفَعل به وفعل وجعلت تذمذم عليه ، فبينما هو واقف على الباب
وإذا بأخيه قد أقبل من نحو الجبل وقد حمل حزمة ا لحطب على ظهر أسد
وهو يسوقه بين يديه فجاء فسلم على أخيه ورحب به ودخل المنزل
و أدخل الحطب وقال للأسد اذهب بارك الله فيك ثم أدخل أخاه والمرأة على
حالها تذمذم وتأخذ بلسانها وزوجها لا يرد عليها فأكل مع أخيه شيئا ثم
ودعه وانصر ف و هو متعجب من صبر أخيه على تلك المرأ ة قال فلما كان
العام الثاني جاء أخوه لزيارته على عادته فطرق الباب فقالت ام رأ ته :
من بالبا ب ؟ قال أخو زوجك فلان في ا لله ، فقالت مرحبا بك وأهلا وسهلا
اجلس فإنه س يأتي إن شاء الله بخير وعا فية ، قال فتعجب من لطف
كلامها وأدبها ، إذ جاء أخوه وهو يحمل الحطب على ظهره فتعجب أيضا
لذلك فجاء فسلم عليه ودخل الدار وأدخله وأحضرت المرأة طعاما لهما
وجعلت تدعو لهما بكلام لطيف ، فلما أراد أن يفارقه قال يا أخي أخبرني
عما أريد أن أسألك عنه ؟ قال وما هو يا أخ ي ؟ قال عام أول أتيتك
فسمعت كلام امرأة بذ يئة اللسان قليلة الأدب تذم كثيرا و رأيتك قد أتيت من
نحو الجبل والحطب على ظهر الأسد وهو مسخر بين يديك ؟ ورأيت العا م
كلام المرأة لطيفا لا تذمذم ورأيتك قد أتيت بالحطب على ظهرك فما
السبب قال يا أخي توفيت تلك المرأة الشرسة وكنت صابرا على خلقه ا
وما يبدو منها كنت معها في تعب وأنا أحتملها فكأن الله قد سخر لي
الأسد الذي رأيت يحمل عني الحطب بصبري عليها واحتمالي لها فلما
توفيت تزوجت ه ذه المرأ ة الصالحة وأنا في راحة معه ا فانقطع عني
الأسد فاحتجت أن أحمل الحطب على ظهري لأجل راحتي مع هذه المرأ ة المباركه الطائعه
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الأزواج ، يكرم نساءه،
وفيًا معهن ، يمازحهن ويلاعبهن ويضاحكهن، يعفو ويتجاوز عن
أخطائهن ، ويصبر على أذيتهن ، لم يكن عنيفًا عليهن، شهد له أصحابه
بأنه كان يتساهل معهن في كل أمر ليس فيه معصية لله ، لا يضرب ، ولا
يحقر ، ولا يشتم ، ولا يكثر اللوم والعتاب ، يعدل بينهن ، ويرشدهن إلى
ما فيه صلاحهن، ويشاورهن في كثير من أموره .
فقد يقول الرجل لزوجته كلمة جارحة في ساعة من الغضب ، فينتهي الموقف ولكن يبقى أثر الكلمة طوال العمر ،
كان هناك طفل يصعب
إرضاؤه ,أعطاه والده كيساً مملوءاً بالمسامير وقال له : قم بطرق مسمارا
واحدا في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي
شخص . في اليوم الأول قام الولد بطرق سبعة وثلاثين مسمارا في سور
الحديقة ، وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد
المسامير التي توضع يوميا ينخفض، الولد اكتشف أنه تعلم بسهوله كيف
يتحكم في نفسه أسهل من الطرق على سور الحديقة .
في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مس مار ف ي سو ر
الحديقة ، وعندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يطرق أي
مسمار قال له والده :الآن قم بخلع مسمارا واحدا عن كل يوم يمر بك
دون أن تفقد أعصابك ! .. مرت عدة أيام وأخيراً تمكن الولد من إبلاغ
والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور.. قام الوالد بأخذ ابنه إلى
السور وقال له :بني قد أحسنت التصرف، ولكن انظر إلى هذ ه الثقوب
التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت.. عندما تحدث بينك وبين
الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة ،
فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها أنت . . تستطيع أن
تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه ،ولكن تكون قد تركت أثر ا
لجرحا غائرا لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح لا زال
موجودا جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان